كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

الرجل يحنأ إذا صار كذلك. قال الأصمعي: أحنأت الترس جعلته يحنأ، أي: محدودِبًا وهذا مثله. ورجح القرطبي أيضًا في "مفهمه" (¬1) رواية الحاء المهملة فقال: رويناه في "الموطأ" بباء مفتوحة وبحاء مهملة من الحنو وهو الصواب، ورويناه يجنى بالجيم من غير همز وليس بصواب. وحكى بعض أصحابنا: أن صوابهما يجبأ بفتح الباء والجيم وحكاها عن أبي عبيد (¬2) وأظنه القاسم بن سلّام. والذي رأيته في "الغريبين" لأبي عبيد الهروي يجنى ثم ساق ما أسلفناه عنه قال: وفي "الصحاح" (¬3) حنأ الرجل على الشيء وحانا عليه ويحانأ إذا أكب عليه ورجل أحنأ بين الحنأ، أي: أحدب الظهر والمجنأ بالضم الترس. وتحصل من مجموع حكاية أبي عبيد وصاحب "الصحاح" أنه يقال جنأ مهموز ثلاثيًا ورباعيًا. واقتصر الشيخ تقي الدين في "شرحه" (¬4) على روايتين مما ذكرناه فقال: الجيد في الرواية يجنأ بفتح الياء وسكون الجيم وفتح النون والهمزة من الجنى. قال الشاعر (¬5):
وبدلتني بالشطاط الجنى ... وكنت كالصَّعدة تحت السنان
قال: وفي كلام بعضهم ما يشعر بأن اللفظة بالحاء، يقال: حنا
¬__________
(¬1) المفهم (5/ 116).
(¬2) الذي في غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلّام (3/ 314)، يجانىء عليها يقيها الحجارة بنفسه، قالا: يجانىء عليه -يعني ينحني.
(¬3) مختار الصحاح (ج ن أ) (ح ن ى).
(¬4) إحكام الأحكام (4/ 357).
(¬5) البيت للشاعر عوف بن محلم كما في الروض الأنف (2/ 198).

الصفحة 190