كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

وثانيهما: نعم وهو قول أبي حنيفة. وقال مالك: لا يصح إحصانه أيضًا.
واستدل الشافعية بهذا الحديث فإنه -عليه الصلاة والسلام- رجمهما.
واعتذر الحنفية عنه بأن قالوا: رجمهما بحكم التوراة فإنه -عليه الصلاة والسلام- سألهم عن ذلك عند قدومه المدينة. وادعوا أن آية حد الزنا نزلت بعد ذلك فكان ذلك الحديث منسوخًا. وهذا الذي ذكروه من ادعاء النسخ يحتاج فيه إلى تحقيق التاريخ.
وادعى [مالك: أن] (¬1) رجمهما لكونهما ليسا أهل ذمة. قال النووي (¬2) وهو باطل لأنهما كانا من أهل العهد ولأنه رجم المرأة والنساء لا يجوز قتلهن مطلقًا.
قلت: اعتذروا عن هذا بأنه لعله كان قبل النهي عن قتل النساء، وضعفه ظاهر أيضًا.
وسؤاله -عليه الصلاة والسلام- اليهود بحضور ابن سلام ليس ليعرف الحكم منهم ولا لتقليدهم وإنما هو لإِلزامهم لما يعتقدونه في كتابهم الموافق لحكم الإِسلام ترتيبًا للحجة عليهم وإظهارًا لما كتموه وبدلوه منه إما بوحي من الله تعالى إليه في أنه موجود فيما بأيديهم من التوراة لم يغير كما غيرت أشياء، وإما بإخبار من أسلم منهم ولهذا
¬__________
(¬1) في ن هـ (أن مالكًا). انظر: الاستذكار (24/ 17، 18).
(¬2) شرح مسلم (11/ 208).

الصفحة 192