كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

وأما رواية: "قطع في مجن قيمته عشرة دراهم" وفي رواية "خمسة" فضعيفة لا يعمل بها إذا انفردت، فكيف وقد خالفت صريح الأحاديث الصحيحة بالتقويم بربع دينار مع أنه يمكن حملها على أنه كانت قيمته عشرة دراهم اتفاقًا.
وأما الحديث الصحيح: "لعن الله السارق يسرق البيضة أو الحبل فتقطع يده" (¬1) فالمراد به التنبيه على ما هو خير وهو يده في مقابلة حقير من المال وهو ربع دينار فإنه شارك البيضة في الحقارة أو أراد جنس البيض وجنس الحبال أو أنه إذا سرق ذلك فلم يقطع جره ذلك إلى سرقة ما هو أكثرُ منهما فيقطع فكانت سرقة ذلك سببًا لقطعها، أو أن المراد إنه [قد] (¬2) يسرق ذلك فيقطعه بعض الولاة سياسة لا قطعًا جائزًا شرعيًا.
وأبعد من قال: المراد بيضة الحديد (¬3) وحبل السفينة لأن بلاغة
¬__________
(¬1) البخاري (6783)، ومسلم (1687)، والنسائي (8/ 65)، وابن ماجه (2583)، والبغوي (2597، 2598)، والبيهقي (8/ 253)، وأحمد (2/ 253).
(¬2) في ن هـ ساقطة.
(¬3) هذا ذكره البخاري والبغوي بعد تخريجهما للحديث عن الأعمش بلفظ: "كانوا يرون أنه بيضة الحديد، والحبل: كانوا يرون أنه مما يسوى دراهم. اهـ.
قال الخطابي -رحمنا الله وإياه- في "إعلامه" (2291).
قلت: تأويل الأعمش هذا غير مطابق لمذهب الحديث ومخرج الكلام فيه، وذلك أنه ليس بالسائغ في الكلام أن يقال في مثل ما ورد فيه هذا الحديث من اللوم والتثريب: أخزى الله فلانًا عرض نفسه للتلف في مال له قدر =

الصفحة 209