كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

وادعى كثير من الأئمة أن الرواية الثانية أعني رواية الجحد شاذة فإنها مخالفة لجماهير الرواة والشاذ لا يعمل به ولهذا لم يودعها البخاري "صحيحه"، وإنما هي من أفراد مسلم قالوا: وتفرّد بها معمر.
قال القرطبي (¬1): وقد تابعه عليها من لا يعتد بحفظه كابن أخي الزهري ونمطه. قال العلماء: وإنما لم يذكر السرقة في هذه الرواية لأن المقصود منها عند الراوي ذكر منع الشفاعة في الحدود لا الإِخبار عن السرقة.
الثالثة: جواز الحلف من غير استحلاف وهو مستحب إذا كان فيه تفخيم لأمر مطلوب، وقد اختلف العلماء في جواز الحلف به وهذا الحديث دال على جوازه.
الرابعة: المنع في الشفاعة في الحدود، وهو إجماع، بعد بلوغه إلى السلطان، أما قبله فهو جائز عند أكثرُ العلماء إذا لم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس، فإن كان لم يشفع فيه، أما المعاصي التي لا حد فيها وإنما فيها التعزير فيجوز الشفاعة والتشفيع فيها بالشرط السالف وإن بلغت الإِمام لأنها أهون.
الخامسة: حرمة التشفيع في صاحب الحد إذا بلغ الإِمام.
السادسة: تعظيم أمر المحاباة للأشراف في حقوق الله تعالى وحدوده وأنها سبب الهلاك، وقد نبّه -عليه الصلاة والسلام- على ذلك بهلاك من قبلنا من الأمم بذلك بالحصر "بإنهما" كما سلف.
¬__________
(¬1) المفهم (5/ 77).

الصفحة 219