قال: "من كان حالفًا، فلا يحلف إلا بالله" (¬1) [وكانت] (¬2) قريش تحلف بآبائها فقال: لا تحلفوا بآبائكم. وقد أسلفنا من حديثه أيضًا أنه -عليه الصلاة والسلام- أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم.
الثالث: سر النهي عنه أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة لله عَزَّ وَجَلَّ لا شريك له فيها فإنها إزاره والكبرياء رداءه فمن نازعه فيهما قصمه كما صح في الأحاديث الصحيحة (¬3) حكاية [عنه] (¬4) سبحانه [وتعالى] (¬5)، وإذا كان كذلك فلا تضاهي بالتعظيم غيره. وقد قال ابن عباس: "لئن أحلف بالله فآثم أحب إليّ من أن أضاهي"، ومعنى أضاهي أحلف بغيره، وقيل: يرى أنه حلف وما حلف ويؤيد الأول الرواية الأخرى عنه "لئن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر"
الرابع: قد فسر المصنف معنى قوله: "آثرًا" (¬6). وهو بمد
¬__________
(¬1) البخاري (3836)، ومسلم (1646)، والنسائي (7/ 4)، وأحمد (2/ 20)، والبيهقي (10/ 29).
(¬2) في الأصل وكان، وما أثبت من ن هـ.
(¬3) مسلم (2620)، وأبو داود (4090)، وابن ماجه (4174)، والبغوي (3592)، والطيالسي (2387)، والحميدي (1149)، وأحمد (2/ 248، 376، 414، 427)، والأدب المفرد (552).
(¬4) زيادة من ن هـ.
(¬5) زيادة من ن هـ.
(¬6) قال الحميدي في مسنده (2/ 281): قال سفيان: سمعت محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة. وكان بصيرًا (بالعربية)، يقول: "ولا آثرًا". =