كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

والأصح عند أصحابنا: اشتراط نيّة الاستثناء قبل فراغ اليمين أيضًا.
وعن طاوس والحسن وجماعة من التابعين: أن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه. وقال قتادة: ما لم يقم أو يتكلم، وقال عطاء: قدر حلبة ناقة.
وقال سعيد بن جبير: بعد أربعة أشهر. وعن ابن عباس الاستثناء أبدًا متى يذكره، وعنه إلى شهر وعنه إلى سنة، وعن بعضهم له ذلك سنة أو سنتين. وتأول بعضهم هذا المنقول عن هؤلاء على أن مرادهم أنه يستحب له قول إن شاء الله تبركًا ولقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}. ولم يريدوا به حل اليمين ومنع الحنث.
وأما قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فقال له صاحبه قل إن شاء الله"، فلا دلالة فيه على جواز الانفصال لأنه يحتمل أن يكون صاحبه قال له ذلك وهو بعد في أثناء اليمين، أو أن الذي جرى منه ليس بيمين فإنه ليس في الحديث تصريح بيمين.
أما إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله تعالى فقال: أنت طالق إن شاء الله أو أنت حر إن شاء الله، أو أنت عليّ كظهر أمي إن شاء الله، وما أشبه ذلك.
فمذهب الشافعي والكوفيين وأبي ثور: صحة الاستثناء في جميع ذلك كما أجمعوا عليها في اليمين بالله تعالى فلا يحنث في طلاق ولا عتق ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ولا إقراره ولا غير ذلك مما يتصل به قول إن شاء الله.

الصفحة 270