كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

وليس إذهاب الروح في المفسدة كمفسدة الأذى باللعنة. وكذلك
العقاب يتفاوت بحسب تفاوت الجرائم، قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}. وذلك دليل على التفاوت في العقاب والثواب، بحسب التفاوت في المصالح والمفاسد، فإن الخيرات مصالح، والمفاسد شرور. نبه على ذلك الشيخ في "شرحه" (¬1)، ثم نقل عن القاضي عن المازري (¬2) أن الظاهر من الحديث التشبيه في الإثم وهو تشبيه واقع لأن اللعنة قطع عن الرحمة والموت قطع عن التصرف.
قال القاضي: وقيل لعنته يقتضي قصده بإخراجه من جماعة المسلمين ومنعهم منافعه ويكثر عددهم به كما لو قتله.
وقيل: لعنته تقتضي قطع منافعه الأخروية عنه، وبعده منها بإجابة لعنته. فهو كمن قُتل في الدنيا، وقطعت عنه منافعه فيها.
وقيل: معناه استواؤهما في التحريم. قال الشيخ: وأقول هذا يحتاج إلى تلخيص ونظر. أما ما حكاه عن الإِمام من أن الظاهر من الحديث تشبيه في الإِثم، وكذلك ما حكاه -من أن معناه استواؤهما في التحريم- فهذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يقع التشبيه والاستواء في أصل التحريم والإِثم.
والثاني: أن يقع في مقدار الإِثم.
فأما الأول فلا ينبغي أن يحمل عليه, لأن كل معصية -قلّت
¬__________
(¬1) إحكام الأحكام (4/ 412).
(¬2) المعلم بفوائد مسلم (1/ 306).

الصفحة 298