كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

حارثة بن الحارث بن الخزرج، أنصاري، حارثي، يُعدّ من أهل المدينة، وكنيته أبو سعيد. له صحبة وغزوات وأحاديث، أسلم قبل الهجرة قبل أخيه حويصة، وكان حويصة أسنّ منه، وكان محيصة أنجب وأفضل. وأسلم حويصة على يد أخيه محيصة، وبعث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - محيصة إلى فدك يدعوهم إلى الإِسلام.
وأما حويصة: فهو بضم الحاء المهملة وفتح الواو وفي الياء التشديد والتخفيف -كما سلف بما فيه-، وكنيته أبو سعيد أيضًا, وهو شقيق محيصة، وكان سبب إسلامه ما ذكره ابن إسحاق في "مغازيه" عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس في قصة كعب بن الأشرف اليهودي الذي كان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشعره ويتبعه ويحرِّض عليه العرب، وهو رجل من بني نَبْهَان من طيء، فلما قتل كعب قال -عليه الصلاة والسلام-: "من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه"، فوثب مُحَيْصَة بن مسعود على ابن سُيَيْنَة -رجل من تجّار يهود كان يُلابسهم ويبايعهم- فقتله، وكان حُوَيِّصةُ أخوه إذ ذاك لم يسلم، وكان أسن من مُحَيّصَة، فلما قتله جعل حُوَيِّصةُ يضربه، ويقول: أيْ عدُوَّ الله، أقتلته؟ أما واللهِ لَرُبَّ شحمٍ في بطنك من ماله. قال محيصة: فقلت له: أما والله لقد أمرني بقتله مَنْ لو أمرني بقتلك لضربْتُ عنقك، قال: واللَّهِ لو أمرك بقتلي لقتلتني، قال: نعم، والله لو أمرني بقتلك لقتلتك، قال: والله إن دينًا بلغ بك هذا لعجب، فأسلم حويصة -وكان ذلك أوَّل إسلامه-، فقال محيصة:

الصفحة 60