كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

الوجه الثاني: في بيان ما فيه من الأمكنة والألفاظ:
أما خيبر: فتقدم ذكرها في الحديث الخامس من باب الرهن وغيره.
وقوله: "فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: كبر, كبر" كذا في الصحيح. وفيه أيضًا: "فذهب محيصة ليتكلم فقال: كبر، كبر" يريد السن، فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة.
ومعنى "كبر كبر" ليتكلم الأكبر، وأكَّده بالتكرير تنبيهًا على شرف السن. وقد روعي في الإِمامة وولاية النكاح ندبًا أيضًا، والمراد بكبر السن: القِدم في الإِسلام والسبق إليه والعلم به وممارسة أعماله وأحواله والفقه فيه. ولو كان الشيخ عريًا عن ذلك واتصف الشاب به قدم عليه.
وقد قدم وفد على عمر بن عبد العزيز، فتقدَّم شاب للكلام، فقال له عمر: كبر، كبر؛ فقال: يا أمير المؤمنين لو كان الأمر بالسن لكان هنا من هو أولى بالخلافة منك. فقال: تكلم، فتكلم، فأبلغ وأوجز.
وكلام عبد الرحمن على رواية الكتاب لم يكن حقيقة دعوى يترتب عليها الحكم، إذ لو كان دعوى لما قدم حويصة ومحيصة عليه لأنه أخوه، وهما ابنا عمه لا حق لهما في المطالبة به مع وجوده، وإنما هو بيان وشرح للواقعة والأكبر أفقه وأعلم بذلك خصوصًا في مخاطبة الكفار (¬1)، فإذا أراد حقيقة الدعوى تكلم صاحبها. قاله النووي في "شرحه" (¬2) قال: ويحتمل أن عبد الرحمن وكلهما في الدعوى
¬__________
(¬1) ليس هذا محله لأنهما خاطبا النبي - صلي الله عليه وسلم -.
(¬2) شرح مسلم (11/ 146).

الصفحة 63