كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

ومساعدته أو أمر بتوكيله حيث أمر بالتفويض في المطالبة إلى الأكبر، واستبعد غيره ممن أدركناه هذا الاحتمال، وقال: لو كان ثم توكيل لنقل، والأحسن أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يعلم أن عبد الرحمن أخص منهما بالكلام، وأن أخاه هو المقتول، وأنهم أتوا بسبب ذلك، وإنما لما جاؤوه مجتمعين فهم من حالهم أنهم أتوه في أمر يشملهم ولم يعلم السبب الذي جاء بهم. فلما رأى أصغر الأخوين بدأ بالكلام نبه على أن الأكبر أولى بذلك.
وقول النووي (¬1): إنه لم يكن المراد بالكلام حقيقة الدعوى.
قد يرده قوله -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك بنحو صفحة أن فيه جواز الدعوى في الدماء من غير حضور الخصم (¬2). إلا أن يقال أن الظاهر وقوع دعوى بعد هذا، فلا يرد ذلك عليه.
وقوله -عليه الصلاة والسلام-: "أتحلفون وتستحقون قاتلكم، أو صاحبكم" إن قلت: كيف عرضت اليمين على الثلاثة, وإنما اليمين للوارث خاصة وهو عبد الرحمن دونهما؟ فالجواب كما قاله النووي في "شرحه" (¬3) أنه كان معلومًا عندهم أن اليمين تختص بالوارث، فأطلق الخطاب لهم؛ والمراد من يختص به اليمين، واحتمل ذلك لكونه معلومًا عند المخاطبين؛ كما سمع كلام الجميع في قتله وكيفية ما جرى له، وإن كانت حقيقة الدعوى وقت الحاجة مختصة بالوارث.
¬__________
(¬1) (11/ 146).
(¬2) أي كلام النووي (11/ 148).
(¬3) شرح مسلم (11/ 146).

الصفحة 64