كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 9)

ولا أكتب (¬1) " (¬2)، وجاءت أحاديث في النهي عن كتابة غير القرآن عمل بها بعض السلف، منها حديث: "لا تكتبوا عني شيئًا إلا القرآن، ومن كتب عليَّ شيئًا غير القرآن فليمحه" (¬3). رواه مسلم وأكثرهم على جوازها. ثم وقع بعد ذلك إجماع الأمة على استحبابها، وأجابوا عن النهى بجوابين:
أحدهما: أنها منسوخة لأن النهي كان خوفًا من اختلاط غير القرآن به، فلما اشتهر وأمنت مفسدة الاختلاط وقع الإِذن فيها.
ثانيهما: أنه نهي تنزيه لمن يثق بحفظه وخيف اتكاله على الكتابة، فأما من [لم] (¬4) يثق بحفظه، فإنها مستحبة في حقه، والإِذن محمول عليه، وقد عد تدوين العلم وكتابته من البدع الواجبة، وادعى القرافي الإِجماع عليه وعلله بأن التبليغ لمن بعدنا من القرون واجب إجماعًا ولا يتوصل إليه إلا بالكتب لسوء الحفظ وقلة الضبط، وما لا يتوصل إلى الواجب الآن فهو واجب (¬5).
¬__________
(¬1) البخاري (113).
(¬2) في ن هـ زيادة: (وحديث يا رسول الله أَكتب عنك ما تقول في الرضا والغضب، فقال: أُكتب فإني لا أقول إلَّا حقًا).
(¬3) أحمد (3/ 12)، ومسلم (3004)، والنسائي في الكبرى (8008).
(¬4) زيادة من ن هـ.
(¬5) انظر: الفتح (1/ 208).

الصفحة 95