والقول الثالث: إن تركها سهوًا حلَّت الذبيحة والصيد, وإن تركها عمدًا فلا، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، والثوري وجماهير العلماء، كما نقله عنهم النووي في "شرحه" (¬1) وحكاه القرطبي (¬2) قولًا عن الشافعي. وحكى أصحابنا في العمد ثلاثة أوجه:
أولها: الصحيح الكراهة.
ثانيها: خلاف الأولى.
ثالثها: يأثم، قاله الشيخ أبو حامد في "تعليقه".
واحتج من أوجبها، بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (¬3) وبهذا الحديث وأمثاله.
واحتج الشافعية ومن وافقهم بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (¬4)، إلى قوله: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (¬5) فأباح ذلك
بالتذكية من غير اشتراط التسمية ولا وجوبها, ولا يقال التذكية لا تكون إلَّا بالتسمية، لأنها في اللغة الشق والفتح.
وبقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وهم لا يسمون غالبًا وفي "صحيح البخاري" (¬6) من حديث عائشة رضي الله عنها أن
¬__________
(¬1) شرح مسلم (13/ 73).
(¬2) المفهم (5/ 207).
(¬3) سورة الأنعام: آية 121.
(¬4) سورة المائدة: آية 3.
(¬5) سورة المائدة: آية 3.
(¬6) البخاري (2057)، ولفظه في: "أن قومًا قالوا: يا رسول الله إن قومًا يأتوننا =