كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 10)

ويحتمل أن يكون اهتمامه عليه الصلاة والسلام بها لأن مفسدتها متعدية إلى غير الشاهد بخلاف الاشراك فإن مفسدته قاصرة على صاحبه.
وقوله: "وقول الزور شهادة الزور" يحتمل أن يكون من باب ذكر الخاص بعد العام, لأن كل شهادة زور قول زور بخلاف عكسه.
وقال الشيخ تقي الدين: ينبغي أن يحمل قول الزور على شهادة الزور، فإنا لو حمناه على الإِطلاق لزم أن تكون الكذبة الواحدة مطلقًا كبيرة وليس كذلك، وقد نصَّ الفقهاء على أن الكذبة الواحدة وما يقاربها لا تُسقط العدالة، ولو كانت كبيرة لأسقطت. وقد نص الله تعالى على عظم بعض الكذب. [فقال تعالى] (¬1): {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (¬2)، وعِظمُ الكذب ومراتبه متفاوتة بحسب تفاوت مفاسده، وقد نص في الحديث الصحيح على أن الغيبة والنميمة كبيرة، والغيبة عندي تختلف بحسب المعقول والمغتاب به، فالغيبة بالقذف كبيرة لإِيجابها الحد، ولا تساويها الغيبة بقبح الخلقة مثلاً، أو [نقص] (¬3) الهيئة في اللباس مثلًا، وليس العقوق وقول الزور مساوياً للإِشراك بالله قطعاً إلَّا إذا فعل ذلك معتقداً حله، ومعلوم أن الكافر شاهد بالزور وقائل به.
¬__________
(¬1) في الأصل (وقال)، وفي إحكام الأحكام (فقال)، وما أثبت ن هـ.
(¬2) سورة النساء: آية 112.
(¬3) في إحكام الأحكام (أو قبح بعض).

الصفحة 39