كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (اسم الجزء: 10)

{فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} (¬1).
الوجه الرابع: في فوائده: وهو أحد الأحاديث العظام، التي عدت من أصول الإِسلام، بل هو أصله كما سلف في أول الكلام:
الفائدة الأولى: الحث على ارتكاب الحلال وعلى اجتناب الحرام، والإِمساك عن الشبهات والاحتياط [للدين] (¬2) والعرض وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء الظن والوقوع في المحذور.
الثانية. الأخذ بالورع، وهذا الحديث أصل كبير في الأخذ به وترك الشبهات، وللشبهات مثارات، منها: الاشتباه في الدليل الدال على التحليل أو التحريم، وتعارض الأمارات بالحج، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "لا يعلمهن كثير من الناس", إشارةً إلى ذلك مع أنه يحتمل أنه لا يعلم عينها وإن علم حكم أصلها في التحليل والتحريم، وهذا أيضًا من مثار الشبهات.
الثالثة: أنه لا ورع في ترك المباح، لقوله عليه الصلاة والسلام: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن"، قال القرافي: وقد اختلف العلماء في أول العصر الذي أدركته: هل يدخل الورع والزهد في المباحات أم لا؟ فادعى ذلك بعضهم ومنعه بعضهم وصنف فيه بعضهم على بعض فقال ابن الأنباري: لا يدخل الورع فيها, لأن الله تعالى ساوى بين طرفي المباح. والورع مندوب إليه راجح أحد الطرفين، والرجحان مع التساوي محال، قال الشيخ تقي
¬__________
(¬1) سورة الأعراف: آية 46.
(¬2) زيادة من ن هـ.

الصفحة 68