كتاب إكفار الملحدين في ضروريات الدين

وهو قول فحل، وكذا نبسه في "فتح القدير" إليهم، وخرج عدم الفرق بين الجحود والتأويل في القطعيات، والله سبحانه وتعالى أعلم، وخرج أن الكفر قد يلزم من حيث لا يدري (مع ما يحقر أحدكم صلاته وصيامه مع صلاتهم وصيامهم، وأعماله مع ما أعمالهم، وليست قراءته إلى قراءتهم شيئاً، فخذ هذه الجمل النبوية أصلاً في مسألة التكفير، فهي كأحرف القرآن كلها، شاف كاف، وإنما اختلف العبارات في أهل الأهواء. إما لإختلاف حالاتهم غلواً وعدم غلو، وإما لإختلاف أصحابه التصانيف فمنهم من بلى بأهل الأهواء، واختبر حالهم، ورأى ضررهم على الدين، فشدد النكير عليهم بحيث لا تبقى ولا تذر. ومنهم من لم يبتل بهم، ولم يسبر غورهم، فهو يحذر عن التكفير مشياً على الأصل، وهو المراد بقولهم: لا يكفر أهل القبلة - أي الأصل فيهم ذلك لا بناءًَ على خصوص الحال - وقد احتطنا في هذه المقالة ما رأيناه احتياطاً، فإن له مقاماً، فقد يحتاط الرجل نظر الجانب، وهو خارج منه من جانب آخر، فيقع في عدم الاحتياط من حيث لا يدري، فإنما أعلنا ههنا ما ندين الله به، واحتطنا ما رأيناه حقه، والله على ما نقول وكيل، وله الحمد على كل حال، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما رواه البيهقي في "المدخل" -: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"، وهو كلام خرج من مشكاة النبوة، ومصابيح السنة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأما ما يتعلق من هذا الجنس بأصول العقائد المهمة، فيجب تكفير من غير الظاهر بغير برهان قاطع، كالذي ينكر حشر الأجساد، وينكر العقوبات الحسية في الآخرة، بظنون وأوهام، واستبعادات من غير برهان

الصفحة 102