كتاب إكفار الملحدين في ضروريات الدين

ومكان ابن سرح قد قال: إن كان أوحى إلى محمد فقد أوحى إلي. وقد قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} الآية وقال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} .
ولو بنوا مسجداً لم يصر مسجداً، ففي "تنوير الأبصار" من وصايا الذمي وغيره-: وصاحب الهوى إذا كان لا يكفر فهو بمنزلة المسلم في الوصية، وإن كان يكفر فهو بمنزلة المرتد.
فذلكة: كان وضع هذه الرسالة في أن التصرف في ضروريات الدين، والتأول فيها، وتحويلها إلى غير ما كانت عليه، وإخراجها عن صورة ما تواترت عليه كفر، فإن ما تواتر لفظاً أو معنى، وكان مكشوف المراد، فقد تواتر مراده، فتأويله رد للشريعه القطعية، وهو كفر بواح، وإن لم يكذب صاحب الشرع، وإنه ليس فيه إلا الإستتابة، ومن زعم أنه لابد من إلقاء اليقين في قلبه وإئلاج صدره، فإذا عاند بعد ذلكفقد كفر، وإلا فلا، فإن ذلك الزاعم لم يضع للدين حقيقة تارة، وإنما جعله يدور مع الخيال، كيفما دار، وهذا باطل قطعاً، فإن الأمر فيكا ثبت ضرورة مفروغ عنه، فمن آمن به فقد دان بدين الله، ومن أنكره فقد كفر، وإن لم يقصد الكفر، وإنما الدور مع الظن في المحل المجتهد فيه، ولا في غيره، فكما أن في باب إنكار الحقائق عنادية وعندية ولا أدرية وشاكة في الشك، فكذلك هذه الأقسام في إنكار الضروريات، وكلها

الصفحة 128