كتاب إكفار الملحدين في ضروريات الدين

مهواة الضلالة إلا من سلب التوفيق وحرم اليقين، وعلى آله وأصحابه الذين رفعوا أعلام الشريعة، وشادوا منارها، فلم يبق أفق من آفاق العالم إلا ونورها يتلألأ تلألؤ الشمس على السماء والأرضين، وقاموا لحمايتها بأموالهم وأنفسهم ودافعوا عنها كل عتل أفاك مهين، حتى قتلوا من مرق عن الإسلام بإنكار ما ثبت في الدين بالضرورة، أو ادعى لنفسه النبوة ولو مع الاعتراف بنبوة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - مثل الأسود العنسي، ومسيلمة اليمامي، ذلك الكذاب اللعين، ولم تأخذهم رأفة في دين الله، ولا صدتهم عن الشدة على أولئك المارقين عواطف الرقة واللين، وبعد فإنه لم يبق عصر من عصور الإسلام إلا ونشأت فيه فتنة ازعجت أهله، وأذلتهم عما سبق من الفتن لشدتها وهولها واضطرام نارها واستطارة لهيبها وضرامها، ولكن الله عز وجل أنجز وعده في حفظ الإسلام والمسلمين ووفق لأهل ذلك العصر من الملوك والسلاطين والعلماء الربانيين المتقنين فاستأصلوا الفتنة عن رأسها وهدموها على أساسها، وأزاحوا عن وجه الدين غياهب الشكوك والشبهات حتى إن كل فتنة استطارت ابان بدئها ونشورها كل مطار تلاشت بعد اشتدادهم، وتضائلت بعد انتشارها، ولم يبق لها إلا اسم أو رسم من طائفة قليلة، فمن يتلقونها خلفاً عن سلف ليس لهم عدد ولا مدد أو ما ترى الباطنية والقرامطة الذين طالت مدتهم، واشتدت شوكتهم حتى سفكوا دماء الحجاج في عرفات والمطاف، وقلعوا الحجر الأسود؛ وذهبوا به إلى هجر، أين درجوا؟ وأين بنو برغواطة الذين ملكوا البلاد وقهروا العباد وجلسوا خلال الديار أزبدة من ثلاثمائة سنة؟ هل ترى منهم عيناً أو تسمع لهم ركزاً، أم أين المهدوية أتباع الجونفوري، هل ترى لهم باقية إلا أفراداً كأنهم الأسراء في سجن محفوراً، والموتى في القبور، وإن من أعظم الفتن، وأقواها وأكثرها شناعة وأدهاها فتنة عمياء وداهية دهياء تسمى فتنة القاديان، والفتنة المرزائية التي أنكر زعيمها المرزا غلام أحمد ختم النبوة، وزعم أنه نبي، إما

الصفحة 167