كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 1)

أسري به في بعض ليلة، لأنه لو قال: أسرى بعبده، ولم يقل ليلا، انصرف إلى الليل كله ويوضح هذا قوله: أسرينا ليلتنا يعني كلها.
ثم قال: (حتى إذا قام قائم الظهيرة)؛ وقائم الظهيرة: شدة الحر- (وخلا الطريق)؛ والطريق يذكر ويؤنث- ومثلها السبيل.
وقوله: (رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد):
* فقوله: رفعت لنا، أي نظرناها من بعيد، وكذا كل سائر في الأرض يرفع له الأشخاص كلما دنا منها.
وقوله: لم تأت عليه الشمس بعد، فهذا احتراز في النطق؛ لأنه صديق فلا يقول إلا ما يخرج عن الاحتمال، إذ لو قال لم تأت عليه الشمس وأمسك، لكان يفترض أن تقول: قد أتت الشمس أمس. وفي هذا من الفقه:
* أن الجلوس في الظل خير من الجلوس في الشمس إلا لمن يريد الدفء فيكون ذلك كقوله: {فسقى لهما ثم تولى إلى الظل}؛ وذلك أن الظل يستدعي الراحة والنوم، والنوم قد يكون في وقت عبادة لله عز وجل إذا أراد به العبد أن ترد قواه التي يعبد بها ربه سبحانه وتعالى، وليتعرض للرؤيا الصالحة التي هي بشرى من الله تعالى في النوم، ولقاء إخوانه المؤمنين.
وقوله: (فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا)، فيه من الفقه:
* أن المؤمن قد يسوي تحته ليعدل ما يماس جلده؛ لئلا يزعجه الحصى ويمنعه من النوم.
* وقوله (ثم بسطت عليه فروة)، وهذا يدل على أن تليين المضجع وتوثيره غير

الصفحة 58