كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 1)

* وفيه ما يدل على أن الصادق يخبر على غلبة ظنه وما يراه.
وقوله: (فالله لكما أن أراد عنكما الطلب، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنجا).
* وهذا يدل على شدة جنان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحالة لأنه دعا له ولم يشترط عليه ويقل: لا أدعو لك حتى ترد عنا الطلب.
وقوله: (هذه كنانتي فخذ سهما منها فإنك ستمر بإبلي) فلم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاحتفال به (10/ ب)، ولا طلب دوام المودة معه، بل قال (لا حاجة لي في إبلك) وقوله: (لا حاجة لي في إبلك، ولم يقل: (في غلمانك)؛ مع أنه عرضها جميعا عليه، إذ له حاجة في غلمانه أن يهديهم الله للإسلام.
وقوله: (أيهم ينزل عليه) فيه حسن أدب الصديق، حيث لم يقل: ننزل لأن من كان صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يذكر نفسه بحرف يقتضي المشاركة، إذ هو تبع.
* وفيه أيضا ما يدل على أن الرجل قد يكرم الرجل بنزوله عليه فيكون الفضل له في إكرامه من ينزل عليه بنفسه لأنه يسوق إليه ثوابه وحسن الذكر فيه، ويدخل بذلك تحت أوق منته ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - (أكرمهم بذلك).
* وفيه أيضا ما يدل على أن الفرح والسرور في الحق إذا بلغ من المسلم فقال الكلمة الدالة على سروره والمشعرة بفرحه من غير أن يخرج به قوله إلى ما لا يصلح فإن ذلك يكون من خير ما يستحب، لا مما يكره؛ لقوله: (فتفرق الغلمان في الطرق، وصعد النساء والرجال فوق البيوت ينادون: يا محمد يا رسول الله، جاء محمد، جاء رسول الله)؛ وإنما كان قولهم قد أخرجوه مخرجا يغيطون به الكفار، إذا بلغهم من أجل سلامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المشركين، ووصلوه إلى مقصده آمنا سالما - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: (فتفرق الغلمان والخدم في الطريق .. يا محمد، يا رسول الله!). معناه يا قوم جاء محمد، وكذلك قوله جاء رسول الله، فمعناه جاء محمد يا قوم،

الصفحة 63