كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 1)

الناس، وتنتشر أخباره، ومن مدة يبلغون فيها إلى مأمنهم، مشعرا - صلى الله عليه وسلم - بذلك أن الغيلة والفتك بمن له عهد لا يجوز في المشركين، فكيف بالمسلمين؟! ثم إردافه بعلي عليه السلام أبا بكر رضي الله يدل على شدة احتفال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهذا الأمر بحسب عظم الرسول في نفسه، أعني عليا إلى أبي بكر، فإنه قد دل في هذا الحديث أن عليا كرم الله وجهه كان رسولا إلى أبي بكر بقوله فبعث عليا فأمره، يعني فأمر أبا بكر على لسان علي ولو كان المأمور (عليا) لكان قال (وأمره) بالواو. وقول أبي هريرة: (فأذن معنا ببراءة) يدل على ذلك، ويدل عليه أيضا قوله فأردف بعلي أبا بكر، وهذا اللفظ يشعر بتقرير؛ لأن لفظ الرديف يؤذن تقرير المردف وتثبيته، ويدل أيضا عليه قول أبي هريرة: (فنبذ أبو بكر إليهم عهدهم).
* وفي هذا الحديث أيضا التنبيه على عظم شأن هذا النبذ بإيفاد أبي بكر فيه، وإرداف علي رسولا إليه لأجله، وإنه لكذلك من حيث إن هذا النبذ هو الفارق بين الحق والباطل، ومن أول مقامات الإعلان وإظهار الإسلام والثقة بوعد الله في استمرار ذلك من غير تلوم ولا تردد.
* وفي هذا الحديث أيضا من الفقه تقديم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا النبذ بين يدي حجته (حجة الوداع)، ليكون أهل وصاياه في الحج والناقلون عنه العدول من المسلمين مع تطهير تلك الأرض من أنجاس المشركين.
* وفيه أيضا من الفقه أن يوم النحر يسمى (11/ ب) يوم الحج الأكبر.
* وفيه من الفقه أيضا أن المؤمن قد يعتريه الهم في انقطاع ما يكون له من مادة معيشة أو كسب لقول أبي هريرة: (وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عليهم من التجارة).
* وفيه أيضا من الفقه جواز مبايعة المسلم للمشرك.
* وفيه أيضا من الفقه أن المؤمن إذا فرح بما يبيحه الله له ويعوضه به من رزق في

الصفحة 66