كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 1)

والزكاة، فإن الزكاة حق المال (12/ أ)، والله! لو منعوني عناقا- وفي رواية: عقالا- كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله! ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق).
* وفي هذا الحديث من الفقه أن الإمام إذا أدى اجتهاده عن نص من كتاب أو سنة مما يخفى على غيره من أماثل مأموميه، فإن الواجب هو متابعة الإمام على ما يريه الله إياه، فإن عمر رضي الله عنه ذهب اجتهاده إلى أن لا يقاتل من منع الزكاة وظن أن قول: لا إله إلا الله مع منع الزكاة يعتصم الدم حتى اشتد أبو بكر رضي الله عنه وأبان له بزيادة فقهه في قوله: (لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) لأنه قاس الأصل المختلف فيه على أصل مجمع عليه، لأنه لم يكن في الصحابة من ينازع في أنه لو أن طائفة من الناس قالوا: (لا إله إلا الله) ثم لم يصلوا، أنهم يقاتلون.
* وفي هذا الحديث من الفقه أيضا أن المؤمن قد يستدل بانشراح صدر المؤمن للقتال على ما لا يستدل به عند انشراحه للسلم لقوله: (فما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعلمت أنه الحق) لأن في القتال من المؤن والأخطار ما ليس في السلم، ولا يحتملها العاقل المؤمن مثل أبي بكر إلا على يقين من أمره.
* وفي هذا الحديث من الفقه أيضا أن الحق قد يخفى على الجماعة الكثيرة ويظهر الله عليه الواحد إذا كان في موضع ذلك من المقام في الإسلام.

الصفحة 68