كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 1)

شيئا من أمره أن أزيغ. قال: فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس فغلبه عليها علي، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال: هما صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرهما إلى من ولي الأمر. قال: فهما على ذلك اليوم. وفي رواية: فهجرته فاطمة فلم تكلمه في ذلك حتى ماتت، فدفنها علي ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر.
قالت: وكان لعلي وجه من الناس حياة فاطمة، فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي، ومكثت فاطمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر ثم توفيت. فقال رجل للزهري: فلم يبايعه علي ستة أشهر؟ .. فقال: لا والله، ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي.
وفي حديث عروة: فلما رأى علي انصراف (13/ أ) وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر، فأرسل إلى أبي بكر ائتنا، ولا تأتنا معك بأحد، (وكره أن يأتيه عمر، لما علم من شدة عمر) فقال عمر: لا تأتيهم وحدك. فقال أبو بكر: والله، لآتينهم وحدي، ما عسى أن يصنعوا بي، فانطلق أبو بكر فدخل على علي وقد جمع بني هاشم عنده، فقام علي فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد، فلم يمنعنا أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضيلتك، ولا نفاسة عليك بخير ساقه الله إليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا، فاستبددتهم علينا، ثم ذكر قرابتهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحقهم، فلم يزل علي يذكر حتى بكى أبو بكر رضي الله عنه، وصمت علي، فتشهد أبو بكر، وحمد الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد، فوالله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي، وإني والله ما ألوت في هذه الأموال التي كانت بيني وبينكم عن الخير، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا نورث، ما تركناه صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال) وإني، والله لا أدع أمرا صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا صنعته إن شاء الله، فقال علي: موعدك للبيعة العشية، فلما

الصفحة 70