عنده، وما سألته أم حبيبة من إمتاعها برسول الله وبأبيها وأخيها فإنها سألت في أمر قد سبق الأمر بأنه لا بد من انقضائه، وسؤال الله عز وجل الإعاذة من عذاب الآخرة ينصرف إلى حسن الخاتمة والموت على الإسلام، وإن كان لن يدخل النار إلا من قد سبق له في علم الله تعالى أن يدخل النار، ولكن قد أمر (156/ ب) بالتعوذ من العذاب على يقين من انقضاء عذاب الآخرة كما نحن على يقين من انقضاء المتعة في الدنيا وأما ذكر القردة والخنازير ففيه دليل على أن الإشارة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كل سامع لحديث يروى أو أثر ينقل أن يعتبره ويجتهد في طريق صحته، ومنه هذا الذي يذكر أن القردة مما مسخ حتى بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث ما أزال به كل إشكال.
وقد قال ابن قتيبة: أنا أظن أن هذه القردة والخنازير هي الممسوخ بأعيانها توالدت، ثم قال: (إلا أن يصح حديث أم حبيبة، وقد صح حديث أم حبيبة فلا يلتفت إلى ظن ابن قتيبة).
-335 -
الحديث السادس والعشرون:
[عن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة في بيوتهم].