كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 3)

معه في إبله، فمر به رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه، فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي، لا تنفر الإبل، فأعطاه عقالاً فشد به عروة جوالقه، فلما نزلوا أعلقت الإبل إلا بعيرًا واحدًا، فقال الذي استأجره: ما بال هذا البعير لم يعقل بين الإبل؟ قال: ليس له عقال، قال: فأين عقاله؟ فحذفه بعصا كان فيها أجله.
فمر رجل من أهل اليمن، فقال: أتشهد الموسم؟ فقال: ما أشهد وربما شهدته، فقال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم، قال: فإذا أنت شهدت الموسم (51/أ) فناد: يا آل قريش، فإذا أجابوك فناد: يا آل بني هاشم، فإذا أجابوك، فسل عن أبي طالب فأخبره: أن فلانًا قتلني في عقال، ومات المستأجر.
فلما قدم الذي استأجره. أتاه أبو طالب: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض، فأحسنت القيام عليه، ووليت دفنه، قال: قد كان أهل ذاك منك، فمكث حينًا، ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم، قال: يا آل قريش، فقالوا: هذه قريش، قال: يا بني هاشم؟ قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا: وهذا أبو طالب، قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة، أن فلانًا قتله في عقال.
فأتاه أبو طالب فقال: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله، وإن أبيت قتلناك به، فأتى قومه فأخبرهم فقالوا: نحلف، فأتته امرأة من بني هاشم، كانت عند رجل منهم، قد ولدت منه، فقالت: يا أبا طالب، أحب أن تجير ابني هذا برجل من الخمسين، ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان؛ ففعل، فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب، أردت خمسين رجلاً يحلفوا

الصفحة 211