كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 3)

* وعلى هذا أرى قوله تعالى: {وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد}؛ لأنه أراد أنكم إذا دخلتم وأنتم أحد عشر ولدًا ذكرًا في مرة كان ذلك جالبًا لتذكر الناس بالتعجب منكم، فإنكم ولد رجل واحد، فإذا دخلتم من أبواب متفرقة لم يكن ذلك من المثير لحسد الناس كما يكون إذا دخلتم من باب واحد، {ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم} كان ذلك لبركة قبولهم منه داعية إلى زيادتهم وجدان يوسف فإنه جاءهم ملكًا، ولو قدر لهم أن يخالفوا يعقوب عليه السلام كانوا أقرب إلى النقص؛ فهذه الآية في العين.
* وقوله: (فإذا استغسلتم فاغسلوا) يعني أن العين إذا نظر بها الشخص نظره إلى ذلك الحسن الذي قدمنا ذكره انتشرت من باطنه على ظاهره وأثرت في جميع أحواله، فإذا استغسل بالماء بردت زفرة حسرته. فقد روي في الحديث: (إذا اشتد غضب الإنسان فليغتسل)، وإنما كان ذلك ليذهب الغلي عنه فوضع الماء على الناظر تبريد لما غلى به قلبه فانتشر على بدنه وأعصابه، ثم أخذ ذلك ورميه على المنظور فيه نوع ألفة لأن النظر كان عن نوع فرقة فجمع الماء بينهما.

الصفحة 226