كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 5)

* في هذا الحديث ما يدل على أن المنكر لا ينبغي أن يستجف المنكر، بل يثبت ثباتا تتمكن معه من استئصاله فإن استجفاف المنكر قد يراه المسلم غضبا لله عز وجل فيسرع فيه إسراعا نزل به فيه عجلته، والصواب التثبت فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى الأعرابي قد بال في المسجد، وإنما حمله على ذلك جهله، وقد كان من الناس من ربما ينهره فيزرمه إزراما ربما آل إلى تلف نفسه، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمهل حتى إذا فرغ من ذلك، كفى أن يصب عليه ذنوبا أو ذنوبين من ماء، ثم نهاه بعد ذلك نهيا يتمكن من إفهامه الحق منه، فيجمع - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بين طهارة المسجد، وحفظ الآدمي، وتعليم الحاضرين، إذ لو لطمه لاطم لم يبعد أن يجيبه بمثل فعله بجهله، ويتصل الشر، وأن يقوم بنجاسته فينجس منه غير المخرج، ولا يؤمن أن يتعدى ذلك إلى غيره، وأن يقول المنكر أو المنكر عليه كلمة مثل أن يلعنه المنكر عليه أو يسبه أو يقول هو كلمة في جواب الإنكار، وكل كلمة من ذلك لو كانت أعظم من بوله.
* وهذا الحديث أصل في هذا الباب.
ومعنى تزرموه: (153/ب) أي لا تقطعوا عليه بوله.
قال أبو عبيد: الإزرام هو القطع. وقوله: فسنه عليه: أي فرقه عليه، الذنوب: هو الدلو العظيمة.
* وقد دل هذا الحديث على أن النجاسة إذا كانت على الأرض فغمرت بالماء

الصفحة 105