كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 5)

فقالوا مثل ذلك، ثم عرج به إلى السادسة، ثم إلى السابعة، فقالوا له مثل ذلك، كل سماء فيها أنبياء قد سماهم، فوعيت منهم إدريس في الثانية، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة -لم أحفظ اسمه-وإبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله تعالى، فقال موسى: رب، لم أظن أن ترفع علي أحدًا.
ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه أحد، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار رب العزة، فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما أوحى إليه: خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى، فاحتبسه موسى فقال: يا محمد، ماذا عهد إليك ربك؟ قال: عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة، قال: إن أمتك لا تستطيع ذلك، فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار إليه جبريل: أن نعم، إن شئت، فعلا به إلى الجبار، فقال وهو مكانه: يا رب خفف عنا، فإن أمتي لا تستطيع هذا). فوضع عنه عشر صلوات.
ثم رجع إلى موسى فاحتبسه، فلم يزل يردده إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات، ثم احتسبه موسى عند الخمس فقال: يا محمد، والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من ذلك فضعفوا وتركوه، فأمتك أضعف أجسادًا وقلوبًا وأبدانًا وأبصارًا وأسماعًا، فارجع فليخفف عنك ربك، كل ذلك يلتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل يشير عليه، ولا يكره ذلك جبريل، فرفعه عند الخامسة فقال: (يا رب إن أمتي ضعفاء، أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم، فخفف عنا).

الصفحة 110