* وقوله: {لمن اتبعك من المؤمنين} فيجوز أن يكون من هاهنا لسبب الحسن، فإن لا يتبعه إلا المؤمنون، ولا يسمى مؤمنًا إلا من اتبعه، ويجوز أن يكون ميزة من اتبعه من المؤمنين ليخرج منها المنافقون، وهذا أمر له - صلى الله عليه وسلم - بأن يخفض جناحه لكل تابع له مسلم.
فهو يتناول من كان في عصره، ومن جاء بعده إلى يوم القيامة، ويكون خفض جناحه لمن لم يره بما علمه من وصاياه وعلومه التي أنقذه بها على ألسنة المبلغين، وبما شرع من إصلاح ذات بينهم، وتسكين الفتن الثائرة فيهم، وما وصى به نوابه من حفظهم إلى غير ذلك.
* ثم قال: (يا بني عبد مناف، لا أغني عنكم من الله شيئًا). فقوله: يا بني عبد مناف: يجمع هاشمًا والمطلب عبد شمس ونوفلًا. فذلك تعميم، ثم أتى بالتخصيص، فقال: يا عباس، وإنما خاطبهم هاهنا بحذف الألف واللام التي للتعريف؛ لأنه جاء بحرف النداء، فكان (122/ أ) مقام نداء، والمنادى فيه معذور في إسقاط الألف واللام، فإن المنادى قد عرف من شهوده ممن يناديه أنه لا يحتاج إلى التعريف بالألف واللام، فلما لم يبق من عمومته ذكر عاد إلى عمته؛ ليسوي في الدرجة من الأقارب.
وهذا يدل على شرف العباس وفخامة منزلته، ثم انتقل بعد ذكر العم والعمة إلى الولد؛ فقال: يا فاطمة بنت محمد.
* وقوله: (اشتروا، اشتريا أنفسكما من الله)، يفصح بأن نفس العبد ليست له، وكذلك قال: اشتر نفسك من الله يعني - صلى الله عليه وسلم - أن يشتري العبد نفسه من ربه هو بما شرطه سبحانه وتعالى أن يقوم به مما خلقه له، فقال: {وما خلقت