والمعنى الآخر، أن يكون على ظاهره من التعجب من غدره، فكانت له غدرات مقدمة في الدنيا، وهذه الغدرات في الآخرة مضافة، ثم إن الله سبحانه قال له: تمن، فلجهله لم يحسن أن يسأل حتى علمه الله، فقال له: تمن كذا، وتمن كذا، فيذكره ربه حتى إذا انتهت الأماني قال له: هذا لك ومثله معه.
* قال أبو سعيد: إنما سمعت وعشرة أمثاله معه، والله سبحانه وتعالى يعطي هذا العطاء عطاء غير نادم ولا بخيل، فهذا يكفي في الإشارة إلى كرم الإله في عطائه؛ لأنه إذا كان هذا المعطي آخر من يدخل الجنة، وآخر من يخرج من النار فقد تبين بذلك مع الإيمان بعدل الله أن هذا قد كان من أشد العابثين جرمًا؛ وإنه ما زالت به غدراته حتى بعد خروجه من النار، وجهله باق.
ثم يعطي الله سبحانه هذا العطاء المستغرق (128/ ب) لسؤاله من حيث علمه هو، ثم يعلمه الله كيف يسأل، واستغرق أعطاه الأماني كلها حتى تقطعت، فأعطاه الله سبحانه ذلك من حيث التجنيس، ثم أعطاه من جنس الأوصاف، فاتفق الصاحبان السيدان على أن الله سبحانه قال: (لك ذلك ومثله معه)، وزاد الصاحب العدل المقبول القول إنه قال: (لك ذلك وعشرة أمثاله معه).
وهذا العطاء انتهى لهذا الإنسان إلى ما لا يمكن العقل إلى تفسيره، ويعطى هذا العطاء على هذا الجهل، فهل ممكن أن يقدر أحد ما يعطي الله تعالى أهل المعرفة به!.
* وقوله: (وعشرة أمثاله)، هو أن يكون في المقادير سعة وعلو وكثرة وطيب معه.