كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

موضع يقال له: السرين، وأنهما لما صعدا من السفينة إلى ساحل البحر، أجمع عليهما جماعة من المستسلحة لصاحب مكة، يريدون أن يمسكوا من وصل في صحبتهما، قال: فجلس الشيخ إزائي وغمضت عيني- أو قال: أغفيت فاستيقظت- أو قال: (52/ ب)، فتحت عيني، فإذا أنا وصاحبي في أرض غير تلك الأرض.
قال يحيى بن محمد رحمه الله: فسألته: كم كان من الموضع الذي كنتما فيه جالسين، والموضع الذي صرتما إليه؟ فقال: مسيرة ثلاثة أيام، وكان يقول رحمه الله: إلى ساعتي هذه- يعني وقت حكايته لي- ما أشك أن الله أوجدنا هناك وأعدمنا من الموضع الأول؛ لأن الحال كانت أسرع من أن يكون فيها سير وحركة، قال: فعطشت عطشًا شديدًا، فجعلت أصيح: اللهم اسقني ماء!، فالتفت الشيخ إلي وقال: يا محمد، ما هذا سوء الأدب. ثم مد يده إلى الأرض، فأخرج قرصًا، فقال لي: خذ، فقلت: ما أصنع بالطعام، وإنما أريد الماء؟؛ قال: فو الله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت في الحال سقيفة دارت علينا وحلف لي فقال: لقد رأيتها مرشوشة، وفيها سقاء مترع، فقال لي: اشرب من هذا، فشربت. قال: فقال لي حينئذ: قد تركنا كوزًا كنا نحمل فيه الماء، وجرابًا فيه دقيق، قال الشيخ محمد بن يحيى رحمه الله، ومن كانت حالته تلك الحالة، فما أراه أراد استصحاب الزاد إلا اتباعًا للسنة.
* وفي هذا الحديث من السنة أن يبتدئ المنتعل باليمنى إذا انتعل؛ وباليسرى إذا خلع.

الصفحة 294