هذا الحديث من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، على كونه كان في كثير من المسائل ذا فطنة وبلاغة وأقوال صالحة.
* وإنما وجه الحديث عندي أن موسى عليه السلام كان من الدنيا في دار عبادة وخدمة (64/ أ)، فجاء ملك الموت لينقله إلى دار راحة ونعمة، فكره أن يراه الله تعالى مسرعًا إلى الخلاص من خدمة ربه، وحمل أعباء الأثقال من مدارة خلقه، طالبًا تعجيل الراحة بالتنعم في دار الخلد بالعطايا السنية، فلطم ملك الموت، فعاد ملك الموت عليه السلام في صورة شاك، فقيل له: يضع يده على متن ثور، فله بكل شعرة سنة، فلو كان موسى عليه السلام إنما فرق من الموت لقبل ما أنعم به عليه من كثرة السنين، ولكنه قال: من الآن، وأراد أن موافقتي لاختيار ربي خير من موافقتي لاختيار نفسي.
* فأما فقؤه لعينه لما أظهر من إيثاره كلف الخدمة على راحة النعمة، أنه يخجل الملك حتى لم يبق له عين ينظره بها، فكان على معنى ما يقول الرجل إذا اشتد خجله: ما لي عين أنظرك بها، ويجوز أن يكون على وجهه.
-2028 -
الحديث التسعون بعد المائة:
[عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة بمائة امرأة، تلد كل امرأة منهن غلامًا؛ يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، ونسي، فأطاف بهن، ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لو قال: إن شاء الله، لم يحنث، وكان أرجى لحاجته).