كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

* أحدهم: مانع فضل الماء بالفلاة، يعني أنه بالفلاة التي هي غير مملوكة؛ لأن حكم ما في الأرض المملوكة يخالف حكم غيره؛ لأن لصاحب الأرض المملوكة أن يمنع الدخول إليها، فإذا كان في فلاة فليس لأحد أن يتخصص به، وعلى هذا لم يقنع هذا بأن يأخذ حاجته من ابن السبيل المحتاج إليه؛ فكان هذا قد منع فاضلًا عن حاجته إنسانًا محتاجًا إلى ذلك الفاضل.
* وقوله: (رجع بايع رجلًا بسلعة بعد العصر) (70/ ب)، وتلك هي الصلاة الوسطى التي أمر بالمحافظة عليها، وذلك الوقت وقت فراغ أصحاب الأعمال، واجتماع الأندية وشهود الناس، فإذا حملت إنسانًا جرأته على الله تعالى أن يحلف به كاذبًا في مشهد من المسلمين؛ فقد تعرض لسخط الله.
* وقوله: (بايع إمامًا لدنيا) يعني: لأجل دنيا، فهو ينوي وقت بيعه أنه إن أعطاه من الدنيا وفي له، وإن لم يعطه منها لم يف له؛ فذلك الذي لا ينظر الله إليه، فأما إذا بايعه قاصدًا بذلك الحق، وجمع كلمة الإسلام؛ فإنه لم يبق له خيار أعطاه أو منعه.
* في هذا الحديث ما يدل على أن مبايعة الإمام ينبغي ألا تكون راجعة إلى الدنيا؛ بل إلى مصلحة الدين.
* وفيه أيضًا: أنه لا يحل لأحد أن يغدر بمن يبايعه؛ لأن المبايعة مفاعلة لا تكون إلا بين الاثنين؛ فإذا بايع الإنسان فقد بايع طاعته ونصره بثواب الله عز وجل، والمبايعة كحبل له طرفان: أحدهما في الدنيا، والآخر في الآخرة. فالإمام نائب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بايعه الناس فقد باعوه أنفسهم، يجاهدون بها في سبيل الله بين يديه، وأعطوه مقادتهم، وولوه أمرهم، وكان ثمن ذلك الجنة من الله سبحانه وتعالى، فعلق الرهن، وانعقد العقد، ولم يبق لعاقده فكاك منه في هذه الحياة الدنيا.

الصفحة 347