كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

* الخصلة الثانية والسبعون: الإنفاق من الإقتار.
ولما كان الإنفاق من الإقتار، هو الذي لا تثبت فيه الأنفس، موقن بأن الله سبحانه إذا أصار المقتر إلى حالة تعرضه للانفاق فيها من إقتاره؛ فإنه قد أسر إليه بذلك إنني إنما رشحتك بهذه الحالة لمقام الملوك، حيث تنفق من إقتارك؛ إذ الذرة منك قائمة عندي مقام القنطار من الواجدين، فيرى المقتر ببصيرة إيمانه أنه هو الملك من حيث إنه أصاره الله إلى إقتار، يضاعف له يسير النفقة، وليس اليسير مع مضاعفة الله بيسير، كما أنه ليس الكثير مع محق الله ليس بكثير، فكان ذلك من لباب الإيمان.
* الخصلة الثالثة والسبعون: وهي أدناها؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ...
لأن الطريق لما كانت يمر فيها المسلم والكافر، والعاصي والطائع، فرأى المؤمن أن إماطته (97/ ب) الأذى عنها يثيره إيمانه، ليسهل سبيل المؤمنين، فإن مر بها غيرهم، كان ذلك على حكم التبع لهم، فكان ذلك من خصال الإيمان.
* ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الخصال كلها، ليحرص المؤمن على جمعها، إلا إنه بحمد الله ليس فيها شيء من الترهبن ولا الابتداع في الأقوال والأحوال، فمن أراد الله به خيرًا جمعها له، أو جمع له منها حسب حاله، والحمد لله رب العالمين.
-2046 -
الحديث الثامن بعد المائتين:
[عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زواياه، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال:

الصفحة 406