كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له)، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ فقال: (في كل كبد رطبة أجر).
وفي رواية: (أن امرأة بغيًا رأت كلبًا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له موقها، فغفر لها).
وفي رواية: (بينما كلب يطيف بركية، قد كاد يقتله العطش، (99/ ب) إذ رأته بغية من بغايا بني إسرائيل، فنزعت له موقها، فاستقت له به، فسقته إياه فغفر لها به).
وفي رواية: (أن رجلًا رأى كلبًا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة)].
* في هذا الحديث من الفقه: اعتراض الشدائد للإنسان في أوقاته، وهي وإن كانت شدة في وقتها؛ فإنها سيقبلها الله نعمة في وقت آخر، فإن ذلك الإنسان لما اشتد به العطش، ذكر به غيره، فعرفه مبلغ الظمأ من الظمآن، فأوى إلى ذلك الكلب حين رآه في مثل حاله، فكان ذلك سببًا لرحمته الكلب، ورحمه الله به، من حيث إنه أبلاه أولًا حتى راضه وأدبه، فجعل

الصفحة 411