كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

* وأما الصف الأول، فللقرب من الإمام، واستماع القراءة، وسلامة من دخل الصف الأول من تخطي الناس، وتمكنه من الجلوس، ولا يخفى عليه شيء من أحوال الإمام، ويكون هو مقتديًا بالإمام، ومن وراءه يقتدي به، فيكون له ثوابه، وثواب من يصلي وراءه؛ لأنه هو الوصلة بينه وبين الإمام، وكذلك له ثواب من يصلي وراء من يصلي وراءه هكذا، ما اتصلت الصفوف؛ لأنهم به يقتدون، وعلى فعله يبنون.
* وأما الصبح والعتمة فإنهما يخلوان في الأكثر من رؤية أكثر الناس، فالمنافق والمرائي الذي لا يصلي إلا لأجل الناس، لا يمكنه في العصر والظهر ما يمكنه في الفجر، فإنه يغلظ في الفجر والعتمة.
* وأما التهجير، فهو التقدم في الوقت، كما أن التبكير كذلك.
* وفيه من الفقه أن الله جل جلاله، لا يضيع مثقال ذرة، حتى إن هذا المار في طريقه، رأى غصن شوك في الطريق، فأخره عن المارين فأجر، ولم يذكر أنه قطعه، فشكر الله له تأخيره الغصن فغفر له.
* ثم ذكر الشهداء، ونزل آخرهم الشهيد في سبيل الله، ليعلم أن كلا منهم ليس بناقص الشهادة، ولا بمنزور الأجر، وإنما كانت هذه الأحوال توهم في الأكثر أن الميت قد أفلت أو قد نقص من أجله، أو لو لم يعرض به ذلك الأمر لم يمت؛ إذ ليس ما عرض له من الأمراض المعهودة التي تعاود الناس في الأكثر، فكان من ثبت إيمانه في مرض من هذه الأمراض، وعند الهدم، والغرق، يعلم أنه لم يمت إلا بأجله، فكان هذا الإيمان مبلغًا له إلى الشهادة.
* وقوله: (خير صفوف النساء آخرها)؛ وذلك (101/ أ) لأن أواخرها

الصفحة 414