كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

* قد سبق في مسند أبي ذر؛ تفسير قوله: ذهب أهل الدثور بالأجور.
* والذي أرى في تفسير هذا الحديث: أن الفقراء لما سمت همتهم إلى ألا يقصروا عن فضيلة غيرهم، كان هذا منهم محمودًا، فعاضهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الإنفاق هذا التسبيح، فلما سمعه الأغنياء وقالون، كان من حسن فقه الفقراء أن الله سبحانه سيكتب لهم مثل تسبيح الأغنياء من حيث إنهم عنهم تعلموه ومنهم أخذوه، وكان الفقراء هو الذين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثاروه، فلهم من الثواب مثل من عمل به من الأغنياء وغيرهم، فلما لم يفقهوا، جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: يا رسول الله، قد سمعوا التسبيح فقالوا؛ أخرجهم حرصهم إلى الخير إلى ما يشده عن حسن النظر في ثواب المقتدى بمن يقتدي، والتابع لمن يبتدئ، فكان جوابهم من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قال لهم: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)، يشير إلى الفقه، فإن الذي أعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو عطية لا تقبل إلا من أيديهم، ولا تحسب إلا في موازينهم، فالأغنياء لا ينقص أجورهم؛ ولكن الفقراء يتضاعف ثوابهم، والفضل الذي ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو فضل الآدمي في عمله وفقهه من قول الله سبحانه: {ويؤت (103/ ب) كل ذي فضل فضله} كل ذي فضل فضله إن شاء الله تعالى.
-2055 -
الحديث السابع عشر بعد المائتين:
[عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية، ولكن لا أجد حمولة، ولا أجد ما أحملهم عليه، ويشق علي أن يتخلفوا عني، فلوددت أني قاتلت في سبيل الله فقتلت، ثم

الصفحة 420