كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

-2059 -
الحديث الحادي والعشرون بعد المائتين:
[عن أبي هريرة، قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوة، فرُفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، وقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيُبْصرهم الناظر، ويُسمعُهُمُ الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغمِّ والكرب ما لا يُطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم، ألا تنظرونَ منْ يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتونه، فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك (107أ) من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفعُ لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، وما بلغنا؟
فقال: إن ربي غضب غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيتُ، نفسي! نفسي! نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحًا، فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدًا شكورًا، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما بلغنا؟ ألا تشفعُ لنا إلى ربك؟
فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتُ بها على قومي، نفسي! نفسي! نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبي الله، وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك، أما ترى

الصفحة 430