كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

الذراع أصلح مضغة في الشاة وأقلها فضولًا، من حيث إنها أكثر أعضائها حركة، فلذلك تتحلل فضلاتها فتكون أحمد أعضائها غذاءً، فيسرع هضمها، وتكون على البدن فيما تحلل منه أعجل أعضاء الحيوان إخلاقًا.
* ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهس الذراع نهسًا، وذلك أجود للهضم، وأبعث للقوة الطاعمة.
* وفيه من الفقه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أجاب الدعوة، وأكل الذراع ناهسًا منها، أخبر بشرف مقامه ليعلم أن التواضع لا ينافي شرف المقام بل يلائمه.
* فأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا سيد الناس يوم القيامة)، فإنه يعني به - صلى الله عليه وسلم -: أنا سيد السادات، وكبير الكبراء، وكريم الكرماء؛ حيث تجمع السادات من الأنبياء كلهم، فأكون حينئذٍ سيد الناس ذلك اليوم، الذي يعقب كل سيادة ولا يعقبه ما ينقضه.
* فأما قوله: (هل تدرون: ممَّ ذلك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد)، والصعيد: الأرض المستوية.
* (يبصرهم الناظر، ويسمعهم الداعي)، ومعنى ذلك أن الصعيد يمتد من غير شرف يرد الطرف، ولا جبل يحول دون المرأى، فيكون بصر كل إنسان ذلك اليوم حديدًا؛ ليبلغ بصر كل واحد من أهل الموقف إلى كل أحد من أهل الموقف على كثرتهم حتى إن الواحد منهم لينظر من الأشكال مقدار البيضة، وبينه وبينها كما بين المشرق والمغرب، وذلك ليشاهد كل واحد من الجمع

الصفحة 434