كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

عظمة الله تعالى، وكثرة من يقف في العرصة؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يبصرهم (109/ أ) الناظر، ويسمعهم الداعي)، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: (تدنو منهم الشمس)؛ يعني تقرب، وقد يرون قربها، فإذا ارتفعت في طول أيام الصيف، وأنها على دنوها بينها وبين الأرض ألوف الفراسخ، كيف يكون حرها؟! فبماذا يوصف دنوها يوم القيامة، حتى تكون عند رؤوس الناس، على كثرة ذلك الزحام، وتصاعد الأنفاس الحرار.
ثم يطول المكث انتظارًا يستراح منه إلى دخول النار، حتى يأتون آدم - صلى الله عليه وسلم -، فيعتذر إليهم بشدة غضب الله سبحانه في ذلك اليوم لقوله: إن ربي غضب غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله.
وهذا فلا أراه إلا عن علم قد كان عنده منه، وعند الأنبياء كلهم حتى قالوه. ولا أراه إلا من حيث إن الله تعالى لما أمهل الخلائق، وأخر انتصار المظلوم مع تكرار استصراخه به سبحانه، وأمهل الكافر مع جحده الحق وغمطه الصواب، وإرجائه سبحانه أهل النفاق على ما يسد الصبر عند كل محق، يتراخى استطالة الباطل عليه، فكان لاشتداد غضبه في ذلك اليوم بمقتضى طول إمهاله، وتضاعف سخطه بحسب اندفاع أخذه، حتى ظن الكافرون أنهم مهملون أو مغفول عنهم.
قال الله عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} الآية.
* وأما قول آدم نهائي عن الشجرة فعصيت؛ فإن هذا القول ليس من آدم دالًّا على ارتياب؛ بأن الله تاب عليه من ذلك الذنب، فإن الله تعالى قرأ طه ويس

الصفحة 435