كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

*في هذا الحديث ما يدل على شدة عداوة هذا العدو الكافر؛ لأنه بلغ من عداوته أنه إذا رأى الطفل حين ولادته على ضعفه ووهنه بادر إلى نخسه حتى يستهل صارخًا، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعلمنا هذه عداوته ليكون الطفل حذرًا (100/أ) من نزغاته.
*وفيه أن الله تعالى سلم مريم وابنها منه، باستعاذة أم مريم هو قولها: {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} فدل هذا على أنه يستحب لكل مؤمن أن يستعيذ بربه لذريته من الشيطان الرجيم.
وقد ذكرنا في مسند ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما من إنسان يدنو من أهله فيقول: اللهم جنبني الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتني، فيقضى بينهما ولد إلا لم يضره الشيطان) أو كما قال.
*والاستهلال: رفع الصوت والمراد به الصياح.
والحجاب: المشيمة والمراد أنه لم يصل إليه.
ونزغة الشيطان: قصده الفساد.
*وفيه أيضًا من التنبيه على أن الشيطان ينخس المولود نخسًا فيستهل صارخًا، وعلى هذا فإنه نخس الآدمي في اطنه بنزغاته بالنخس الذي لا يدركه حسه؛ ولكن يدركه إيمانه وعقله، فينبغي أن يكون على أقل أحواله إذا رأى تأثير تلك النزغة عنده أن يدملها بالحجة، فإن لم يقدر فليقنع

الصفحة 57