كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 6)

الوحش على أولادها، وأخر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم الله بها عباده يوم القيام).
وفي رواية: (خلق الله مائة رحمة؛ فوضع واحدة بين خلقه، وخبأ عنده مائة إلا واحدة).
وفي رواية: (إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائًة رحمٍة، فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة، وأرسل ف ي خلقه كلهم رحمة واحدة؛ فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار)].
*في هذا الحديث من الفقه أن هذه الرحمة مخلوقة، فأما رحمة الله التي هي صفة من صفاته فقديمة غير مخلوقة؛ فكل ما يتراحم به أهل الدنيا حتى البهائم في رفعها حوافرها عن أولادها؛ لئلا تؤذيهن فإنه عن جزء مثبت في العالم فمن تلك الرحمة، وإن الله سبحانه أعد تسعًا وتسعين رحمة ادخرها ليوم القيامة؛ ليضم إليها هذه الرحمة الأخرى ثم يثبتها قلوب عباده ليرحم بعضهم بعضًا، يكون كل ما تراحم به المتراحمون مذ قامت الدنيا إلى يوم القيامة جزءًا من مائة جزء من الرحمة التي حددها الله عز وجل في قلوب عبادة يومئذ ليعفو المظلوم عمن ظلمه رحمة له مما يرى من هول ذلك اليوم، فيعود شفيعًا فيه، وسائلا في حقه، كالمشتوم عمن شتمه، والمغصوب عمن غصبه، (106/أ) والمؤذي عن من آذاه.
*وأن قوله: (يرحم بها عباده)، فإنه لما يوضع في قلوبهم تلك

الصفحة 74