كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 7)

فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مربي عمر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل.
ثم مربي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -، فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: (يا أبا هر)، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (الحق)، ومضى فاتبعته، فدخل، فاستأذنت، فأذن لي، فوجد لبنًا في قدح، فقال: (من أين هذا اللبن؟)، قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: (أبا هر)، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي). قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أنته صدقة بعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم، وأصاب (109/أ) منها، وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟، كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاءوا أمرني، فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا، واستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، فقال: (يا أباهر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (خذ فأعطهم). قال: فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى، حتى انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم، فقال: (أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (بقيت أنا وأنت). قلت: صدقت يا رسول الله، قال: (اقعد فاشرب) فقعدت فشربت، فقال: (اشرب)،

الصفحة 352