كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 7)

وهو الذي جمع قريشًا، وسكن الحرم، ولم يكن بمكة بيت في الحرم، إنما يكونون بها حتى إذا أمسوا خرجوا خوفًا أن يصيبوا فيها فاحشة أو جناية حتى سكنها قصي، واجتمعت (16/ب) إليه القبائل، ونفى خزاعة وبني بكر، واستعان عليهم بأخيه لأمه، وفي ذلك قصة طويلة، تركتها اختصارًا.
وأجار بالناس قصي وغلب صوفة، وأخذ ما كان إليهم من ذلك، واستولى على جميع ما كانت خزاعة وغيرهم من العرب غلبت قريشًا عليه، مضافًا إلى ذلك ما كان بقي بأيدي قريش من الحجابة والإفاضة، وذلك لما أراده الله تعالى من كرامة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ورد ميراث إسماعيل عليه السلام إلى أولاده.
فكان قصي أول بني كعب، أصاب ملكًا، أطاع له به قومه، فابتنى دار الندوة، وجعل بابها إلى البيت، ففيها كان يكون أمر قريش كله، وما أرادوا من نكاح أو حرب أو مشورة فيما ينوبهم، حتى إن الجارية تبلغ تدرع فما يشق درعها إلا فيها، ثم مطلوبها إلى أهلها، ولا يعقدون لواء حرب لهم إلا فيها، تشريفًا لقصي وتيمنًا به، فكان أمره فيها ماضيًا في حياته وبعد موته، وكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة واللواء والندوة وحكم مكة.
وقعط قصي مكة رباعًا بين قومه، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم التي عرفوا بها، وسمي مجمعًا لما جمع من أمر قريش، وأدخل قصي بطون قريش كلها الأبطح، فسموا قريش البطائح، وأقام بنو معيص بن عامر بن لؤي، وبنو تيم الأردم بن غالب بن فهر، وبنو محارب بن فهر، بظهر مكة، فهؤلاء قريش الظواهر؛ لأنهم لم يهبطوا مع قصي الأبطح، إلا أن رهط أبو عبيدة بن الجراح، وهم من بني الحارث بن فهر نزلوا الأبطح، فهم مع المطيبين أهل

الصفحة 61