كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

* فأما إضاعة المال فإنه مكروه، وإنما يتحقق في صورة هي أن يبذل المال فيما لا يكسب أجرا في الآخرة، ولا حمدا في الدنيا، فذلك التبذير، إلا أن كسب الحمد إذا كان لا للاقتداء ولا لمجرد الإيمان، بل لمجرد حب المدح، فإني لا أرى المال فيه إلا ضائعا.
* فأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله ولا تتفرقوا) فإن هذه الثلاث المرضيات: كل منها عظيم؛ لأن حبل الله هو الخلافة - كما قدمنا - فإنها تجمع كلمة المسلمين، وتأتلف ذات بينهم، فلما ضم ذلك إلى عبادة الله وألا يشرك به في جملة القسم الذي يرضاه لعباده، استدللنا بذلك على عظيم شأن الاعتصام بحبل الله.
* وكذلك لما ذكر المكروهات، بدأ يقيل وقال، أما (قيل): فإنه قد تحيل الناطق فيه على قائل غير مسمى، وأما (قال): فإن الناطق يحيل فيه على ناطق مسمى، وقد (42/ب) تكون اللفظتان، وهما (قيل) و (قال) على معنى واحد، وهو كثرة القول من غير تمييز، والرواية عن كل ما حدق، والحكاية لكل من يسمع، وأن يقنع الإنسان من الأعمال بالأقوال.
* وأما كثرة السؤال؛ فإنه قد مضى شرحه، كذلك إضاعة المال إلا أن منه أن يهمل الإنسان خدمة فرسه، والقيام على بعيره وشأنه، وتعليم عبده وأمته وغير ذلك.

الصفحة 116