كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

يضر أحدهما الآخر). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: (مؤمن قتل كافرا ثم سدد).
وفي رواية: (لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا)].
* في هذا الحديث من الفقه: أن المؤمن إذا قتل كافرا في سبيل الله، ولأجل الله؛ فإن الله سبحانه وتعالى أكرم من أن يجمع بينه وبين من قتله فيه في دار واحدة، وقد علم سبحانه أنه إنما عاداه لأجله جل جلاله، فلو قد رآه معه في دار الخزي لكان، وإن لم ينطق الكافر بلسانه؛ فإنه حاله كانت تقول: ما الذي قتل به في الخزي، وكلانا في دار الهوان، وقد كنت قتلتني في الله.
* وقوله: (اجتماعا يضر أحدهما الآخر) كذا روي في الحديث، ولعله ينظر أحدهما الآخر؛ فإن كان للمؤمن خطيئته أوجبت له دخول النار بعد ذلك المقام؛ فإنه يكون في مكان لا ينظر إليه الكافر، لئلا يشمت به، ولو حملناه على ما روي كان الضرر أن يشمت به ويعيره ويفسره.
* قوله: (لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا) فإن كان ولا بد من دخول القاتل النار، كان في مكان لا يراه الكفار، إلا أن هذا الحديث مما يدل على أن المؤمن لا ينبغي له أن يجبن عن قتل الكافر (44/أ) لأن الله سبحانه قال: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون} وتنبيها بذلك أن قتل المؤمن الكافر متقدم على أن يقتل الكافر المؤمن.

الصفحة 120