كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

من الحبوب والثمار والرياش والأدوية وغير ذلك، ثم لما اجتمعت هذه الأشياء، وصارت للأدمي في حاجة منه إلى تناول مما خلق له، وتعب في تحصيله، وهرب مما يتصور الأرمى منه فيه، جرى القدر بذلك يوم الثلاثاء حين كمل المسكن والقوت؛ فكان تناول الآدمي ذلك عن تعب، وقوته إياه عن تقصير.
فكان هذا مكروها له فقضى يوم الثلاثاء، فلما كان الأمر في تجنب المكروه، وتوخي المحبوب، وتحصيل المطلب ازورار عن المطالب كله مما يناسب النور الذي يهتدي الإنسان إلى (54/ب) ما يهتدي من ذلك، وبعدمه يضل عما يضل.
فمن ذلك قضى الله عز وجل النور يوم الأربعاء، ثم لما كان الآدمي غير مستغن من الدواب عما تحمله، ويأكل منه، بث الله سبحانه وتعالى من الدواب في يوم الخميس، لكن لما كانت الدواب مجانسة الآدمي في الحياة، كانت بث الدواب بعد خلق المكروه والنور لتكون الدواب ملهمة تجنب المكروه، وتوخي المطلوب بلو الآدمي في ذلك.
ثم جعلها بين حامل للآدمي ومحمول له، وطعام له، دواء وسم وغير ذلك، لكن جعل بث ذلك له بعد أن قدم خلق المكروه وخلق النور، الذي يهتدي به لتجنب المكروه، فلما كملت هذه الأشياء في ستة أيام، كما قال عز وجل، واستتب أمر الدار مستدعية بلسان حالها قدوم الساكن حين تهيئه

الصفحة 149