كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

في رواية: (وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل)].
* في هذا الحديث من الفقه: أن كل قطرة تنزل من السماء؛ فإنما تنزل بأمر من الله سبحانه وتعالى في وقت معلوم وبقدر عنده جل جلاله، فليس من ذلك شيء بكون سدى ولا هملا ولا يقع شيء منه إلا في المكان الذي يعين من السماء.
* وأما سماع الرجل للصوت: (اسق حديقة فلان) فإنه كان وقت سماعه لهذا النطق يعرف أن الغيث يقع ناحية من الحديقة، ثم يسيل إليها لقوله: (اسق حديقة فلان) وإنما يكون السقي عن ماء يسيل فجمع له بين أن يروي حديقته من ماء السماء وبين ألا يبل له ثوبا ولا يفسد عليه طريقا.
* وقوله: (ما تصنع في هذه الحديقة) أي: ما تصنع في حاصلها، فأخبره بحسن تدبيره في حاصل تلك الحديقة بأنه يأكل منه ثلثه، ويتصدق في سبيل الله بثلثه، ثم يرد في عمارتها وحفظ أصلها ثلثه، فلما أحسن تدبير النعمة عنده، تولى الله سبحانه وتعالى تدبير سوق الماء إلى حديقته.
ولم يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث إلا منبها لأمته على الاقتداء بهذا الرجل؛ في أن يكون لكل من ينفق في سبيل الله من حاصل فرع على نحو الثلث، كما رخص في ذلك لسعد بن أبي وقاص في الوصية، وقد تقدم ذكر المعنى في مسنده.

الصفحة 152