كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

وسادا ثغور الحق (62/أ) فقال لي: هذا لا يصلح لي. فقلت له: بلى مما نعني، فقمت عنه ولم يقع بيننا اتفاق، ثم إني عدت إليه فرأيت حاله قد اشتدت. فقلت له: هيه ماذا تقول؟ فقال لي: وافقتك على ما ترى.
فكان من قدر الله عز وجل أنه أبراه من تلك المرضة، وتكاملت عافيته، وعاد إلى منصبه، فحضرت عنده في الديوان مقتضيا تنفيذ أمره بذلك التوقيع في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان من قوله لي: على ضعف فيه: إن هذا كاتب الزمام قد أرسل إلي وقال: إن هذا فلانا، يعنيني، لا يعرف العوائد، وأنها قد استمرت في هذا الموضع بألا نصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ظهور الرقاع، ثم قال: أما لو كتب رجل كتابا فبدأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخره وجب عليه قطع يده.
فأما على ظهور الرقاع فلا يبدأ في أولها ببسم الله الرحمن الرحيم، فلا يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخرها. قال: إن هذا الديوان قد كان فيه أبوك وجدك وعمك والخلفاء كلهم، ولم يجر الحال إلا على هذا حتى قد جاء فلان، يعنيني بغرض، وذكر كلمة نال من عرضي بها، وإن الناس كانوا على ضلال فعجبت من نسبته لي إلى العرض، وقلت في نفسي: أتراني لو قدرت صحة قوله كنت ذا عرض لنفسي أو لإقامة حرمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأمثلي ولأمثله في هذا إلا كما حكي عن نظام الملك أن رجلا جاءه فقال له: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (62/ب) في المنام، وهو يقول لي: اذهب إلى نظام الملك فقل له يزوج بناتك. فقال له: وكم هن؟ قال: ثلاث. قال: كم يكفيهن؟. قال: ثلاثمائة، فأعطاه، فلما ذهب قيل للنظام رحمه الله: إن كان هذا قد كذب. قال: وما علي أنا؟ فعلت بمقتضى حكايته لمنامه، فإن كذب

الصفحة 168