كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فلما كانت عواقب الأمور لا يعلمها العبد، قال: (أستخيرك بعلمك) أي ما تعلم أنت أن عاقبته لي الخيرة مقدما علم الله سبحانه واختياره على حد مبلغ علم آدمي واختياره لنفسه.
* وقوله: (أستقدرك بقدرتك) (123/أ) فإنه يعني أنه بعد أن سأله أن يختار له سبحانه بمقتضى علمه في عواقب الأمور، أي فقد سألتك أن تقديري على ما يقتضيه علمك في ذلك الأمر ولا تقدرني على ما ليست عاقبته جميلة، أي لا تبسط قدرتي إلا على ما هو الخيرة في علمك.
ثم عقب ذلك بأن قال: (فأسألك من فضلك) أي لما عرفت أن الخيرة بعلمك والقدرة مني بقدرتك حينئذ سألتك من فضلك العظيم، ولما لم يعين عند سؤاله من الفضل جنسا من الفضل، كان هذا الفضل متناول كل جنس من الفضل، ولما كان ذلك راجعا إلى إنعام الله وصفه بأنه عظيم.
ثم قال: (فإنك تقدر ولا أقدر) أي أنت تقدر، وحالي أنا إني لا أقدر، فأما تأخير ذكر العلم وتقديم ذكر القدرة على خلاف أول الكلام، ويجوز أن يكون من أجل أن آخر الكلام الثناء على الله بعلم الغيب، فختم ذلك بما يناسب العلم، ويجوز أن يكون حث بدأ بذكر العلم عند قوله: (أستخيرك بعلمك) حتى يذكر العلم أيضا؛ لأن الاستخارة تتعلق بالعلم، والله أعلم بما أراد رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 330