كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

* وأما قوله: (إن كنت تعلم أن هذا الأمر حير لي في ديني ومعاشي)، فإنه لم يذكر اسم الدنيا وإنما ذكر اسم المعاش، وذلك أن إصلاح المعاش معونة على العيشة، وعيشة العبد في الدنيا لعبادة ربه، فطلب إصلاح ما يقوم به العبادة عبادة، وكذلك عاجل أمري وآجله.
* وقوله: (فاقدره لي) أي كونه ثم طلب (123/ب) التيسير والتسهيل في ذلك التكوين.
* وقوله: (فاصرفه عني) يعني اصرفه عني، فلا تطرقه إلي، واصرفني عنه فلا أنظر إليه.
* وقوله: (رضني به) أي إذا قدرت لي الخير، فاحمي قلبي من أن يستزيد بعد أو يرى أنك لم تختر لي الأفضل، ولم يقل صبرني عليه، ولكن قال: (رضني به) أي اجعلني من الراضين فإن مقامه فوق مقام الصبر، فينبغي له إذا صرف عنه الأمر أن لا يتأثر بالصرف، كما أنه ينبغي له إن حصل له أن يكرهه، وهذا طريق واضح على طلب الخيرة، إلا أن الذي أنزله الله تعالى في القرآن أعم وأشمل وهو قوله تعالى: {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار (39) من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب}.
فإذا نهض العبد في أمر فإنه يعلم عاقبته من هاتين الاثنين؛ لأنه إن كان دينا علم أن عاقبته السلامة، وإن كان سيئة علم أن عاقبته الندامة، وهذه الأقسام تشمل جميع ما يتحرك العبد فيه. وهذا مما كان الشيخ محمد بن

الصفحة 331